الخدمات المصرفية من أجل مستقبل مستدام للجميع
في الجزء الثاني من مقالاتنا حول الخدمات المصرفية المؤثرة، يلقي القادة في انتيسا سان باولو الضوء على الاستراتيجيات الرئيسية التي ستمكن البنك وعملائه من إحداث فرق حقيقي للمجتمع والبيئة
01/04/2021
قالت إلينا فلور، رئيس قسم المسئولية المجتمعية في انتيسا سان باولو، في الندوة الخاصة بالخدمات المصرفية المؤثرة عبر الإنترنت التي نظمها البنك مؤخرًا: "إذا كنا نحتاج إلى إجراء تغييرات من أجل البيئة ومن أجل اقتصاد أكثر استدامة، فنحن بحاجة إلى تمويل ذلك، حيث تخلق رحلة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات فرصًا هائلة."
كانت فلور من بين سبعة من كبار قادة البنك الذين انضموا إلى المائدة المستديرة. وقد عرض مقالنا الأول الرؤى الخاصة بثلاثة من المتحدثين. ويعرض هذا المقال أربع وجهات نظر أخرى من هذه الفعالية التي استضافها قطاع البنوك التابعة.
أشارت فلور، التي كانت تعمل في التمويل المستدام لما يقرب من عقدين من الزمن، أن سياق الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يتغير بسرعة. وقالت: "في البداية، كان عملًا خيريًا - هامشيًا، أما الآن فقد أصبح استراتيجية تتعلق بالطريقة التي نؤدي بها أعمالنا".
أي شركة تعتقد أن بإمكانها الاعتماد على سمعتها في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات إيمانًا منها بأن المهمة أُنجزت، مخطئة: "فهناك ضغط رقابي متنامي وهناك اهتمام متزايد من أصحاب المصلحة: حيث ينظر المستثمرون بعين الاعتبار إلى عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات عند اختيار الأسهم، كما يفعل العملاء والموظفون الشيء نفسه عند اختيار المنتجات أو الوظائف، ويقوم المنافسون بذلك أكثر من ذي قبل ".
"تجلب رحلة الحوكمة البيئية والاجتماعية فرصة هائلة"
إلينا فلور، رئيس قسم المسئولية المجتمعية في انتيسا سان باولو
وأضافت فلور أن هذا "الضغط الإيجابي" والتدقيق الخارجي يحافظان على تقدم الأمور. ومن دواعي فخر البنك أن يُدرج اسمه في مؤشرات داو جونز للاستدامة (وهو البنك الإيطالي الوحيد المدرج في التصنيف).
لكن الرحلة نحو التحول إلى بنك مؤثر ليست سهلة بحسب فلور حيث قالت: "إن المعايير في ارتفاع مستمر، والوصول إلى الريادة في هذا المجال أمر تزداد صعوبته. لكن الجدير بالاهتمام، أن الأبحاث قد أظهرت أن الشركات التي تتمتع بأداء جيد في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لديها نتائج مالية أفضل على المدى المتوسط إلى الطويل، وهم أكثر صمودًا ويتمتعون بحجم مخاطر أقل".
يُعد التحول إلى نموذج اقتصادي دائري - في مقابل النموذج الخطي (التقليدي) المعتمد على التصنيع والاستخدام والتخلص - التزامًا طويل الأمد لمجموعة انتيسا سان باولو، الشريك العالمي للخدمات المالية مع مؤسسة إيلين ماك آرثر.
حدد ماسيميانو تيليني، رئيس الاقتصاد الدائري في مركز الابتكار بالبنك، الدور الذي تلعبه الخدمات المالية في تمكين هذا التحول الأساسي حيث قال: "إن التمويل مهم جدًا في بناء اقتصاد جديد، ومع انتشار تداعيات كوفيد-19، أصبحت هذه المهمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ولطالما كان أساس التعافي وإعادة الإعمار هو التمويل ".
كما أورد أن النهج يجب أن يكون تعاونيًا ومتسقًا عبر سلاسل الإمداد وأضاف: "نحن بحاجة إلى التشارك في رؤى جديدة يمكننا جميعًا المساهمة فيها. لقد أخذ الاقتصاد الأوروبي زمام المبادرة في استعادة موطئ قدمه، والآن [بفضل تولي إدارة بايدن لرئاسة الولايات المتحدة] نحن أمام سياق عالمي جديد."
"فعلى البنوك دعم العملاء لتغيير نماذج أعمالهم، وإعادة صياغة سبل التواصل حول خلق القيمة والحد من حجم مخاطر ممارسة الأعمال التجارية".
يقول تيليني أن الاقتصاد الدائري يوفر الأدوات اللازمة مستشهدًا "بموضوع الساعة" الخاص بالبلاستيك قائلًا: "نحن ننظر إلى أسباب المشكلة وليس آثارها فقط. البلاستيك غير قابل للتحلل، لذلك نحن نعمل مع شركة لتصنيع عبوات المواد الغذائية يمكننا من خلالها استبدال المواد ذات التأثير الضار بمواد صُممت لكي تتحلل.
"على البنوك دعم العملاء لتغيير نماذج أعمالهم وإعادة صياغة سبل التواصل حول خلق القيمة"
قول ماسيميانو تيليني، رئيس الاقتصاد الدائري في مركز الابتكار بالبنك
والمحصلة هي نهج وأساليب عمل مجددة "لرأس المال الطبيعي"، ونموذج أعمال متحول، أقل تعرضًا للمتغيرات والمخاطر المتعلقة بتوافر الموارد وتقلبات الأسعار وانقطاع التشغيل عبر سلاسل القيمة الطويلة.
وقال لويجي روجيرون، رئيس تحليل الاتجاهات والأبحاث التطبيقية، وزميل تيليني في مركز انتيسا سان باولو للابتكار، إن السبيل للأعمال التجارية المستدامة هو التأكد من أن الأشخاص واحتياجاتهم وطرق عيشهم هي محركات الابتكار.
وأوضح: "إن مهمتنا هي استكشاف التكنولوجيا والأفكار الجديدة، وتحديد الحلول الأكثر ابتكارًا". وتبحث مختبرات الذكاء الاصطناعي (AI) وعلم الأعصاب (NS) في المركز عن إمكانيات جديدة واستخداماتها المحتملة وقيمتها بالنسبة للبنك وأصحاب المصلحة فيه.
وقال روجيرون: "يجب أن يكون الهدف الرئيسي للتكنولوجيا هو تحسين الحياة، فمن الممكن أن تكون هناك روبوتات لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على ارتداء الملابس بأنفسهم، أو استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة العملاء على إنتاج نماذج للتنبؤ بالظروف المناخية".
وحيث تجذب وظيفة روجيرون انتباهه إلى العديد من الأفكار المثيرة، فقد سلط الضوء على اتجاهين يعتبرهما مهمين بشكل خاص في خلق فرص جديدة حيث تسعى الصناعات والمجتمعات لتحقيق قدر أكبر من الاستدامة.
وقال إن التكنولوجيا التي تدعم صحة الإنسان ودورة الحياة تأتي أولاً "فسيساعد ذلك المجتمع على أن يصبح أكثر صحة وأفضل وقاية من الأمراض، ويقدم المساعدة للمحتاجين". ويعد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الهام الخاص بتسلسل جينوم كوفيد -19 مثالاً حديثًا على ذلك.
"يجب أن يكون الهدف الرئيسي للتكنولوجيا هو تحسين الحياة"
لويجي روجيرون، رئيس تحليل الاتجاهات والأبحاث التطبيقية، وزميل تيليني في مركز انتيسا سان باولو للابتكار
ويُعد الابتكار في مجال النقل والتنقل أيضًا من الأمور الهامة- ومحفزا لبدء التشغيل في مركز الابتكار. وقال: "هذه التطورات ستكون مهمة لنا جميعاً".
كما شددت لورانس أليكوت مديرة الترويج الثقافي والتسويق والشراكة في قسم الفنون والثقافة والتراث التاريخي في انتسيا سان باولو على أن التخطيط لمستقبل أفضل يعني أيضًا مشاركة كنوز الماضي قائلة: "علينا بصفتنا بنكًا مؤثرًا، ليس فقط المساهمة في النمو الاقتصادي للبلاد بل أيضًا في التنمية الثقافية والمدنية. إن التراث الفني الإيطالي ينتمي إلى الإنسانية وهو ركيزة مهمة للدور المجتمعي لمجموعة انتيسا سان باولو".
وأضافت أن الفن من الأصول الاقتصادية المهمة للغاية، فهو يجتذب السائحين ويخلق فرص عمل. لكن قيمته المعنوية مهمة بشكل كبير في مستقبل تهدف فيه الشركات إلى إحداث تأثير أكثر إيجابية. "نحن كبنك لا نقدم سلعًا ملموسة، بل علاقة قائمة على الثقة، خاصة عند التعامل مع التمويل الذي من السهل خسارته ومن الصعب الحصول عليه. ويُظهر هذا العمل أننا نهتم ويساعد في إنشاء رابطة مع عملائنا وأصحاب المصلحة ".
"علينا بصفتنا بنكًا مؤثرًا المساهمة ليس فقط في النمو الاقتصادي بل أيضًا في التنمية الثقافية للبلاد"
لورانس أليكوت مديرة الترويج الثقافي والتسويق والشراكة في قسم الفنون والثقافة والتراث التاريخي في انتسيا سان باولو
الفنون يجب أن تكون مفيدة لكل المجتمع. قائلة: "لا نريد عرض لوحات جميلة في غرف الاجتماعات التي طالما أردنا مشاركتها مع المجتمع".
وسينضم إلى متاحف جاليري دي إيطاليا العامة الثلاثة التابعة للبنك متحف رابع مخصص للتصوير والفن الرقمي في تورينو خلال العام المقبل خلال برنامج الترميم طويل الأمد، وفي الوقت نفسه، تستفيد المجتمعات في جميع أنحاء إيطاليا أيضًا بشكل مباشر. وقالت: "نحن لا نختار الأعمال الشهيرة فقط لحفظها بل نختار تلك التي لها قيمة محلية ويمكننا إعادتها إلى المجتمع ".
وقالت "إن التاريخ جزء من مستقبلنا، ومشاركة تراثنا وقيمنا ستساعدنا جميعًا على تغيير العالم."