التغييرٌ في قطاع الزراعة في مصر
تغييرٌ شاملٌ في قطاع الزراعة في مصر يُعيد تشكيل القِطاع
يُمكن للطاقة الخضراء والتكنولوجيا الصديقة للبيئة مجتمعيّن حل أضخم مشكلات مصر الزراعية وسوف يسهّل التمويل المناسب حدوث هذه التغيرات
12/09/2021
"هناك دَفعة حكومية ضخمة لدعم القطاع الزراعي في مصر، لجعله أكثر استدامة وكفاءة وربحية بحلول عام ٢٠٣٠"
تمثل الزراعة شريحة كبيرة من الاقتصاد المصري، حيث تسهم بـ ١٠.٦% من الناتج المحلى الاجمالى للبلاد وتشغّل ١٨.٨% من مجمل القوى العاملة، ويعمل أكثر من ٥٥% من العمالة في "صعيد مصر" في قطاع الزراعة وما يرتبط بها من أنشطة.
ويعتبر قطاع الزراعة المصري مساهمًا قويًا في صادرات البلاد، حيث تصدر الدولة ٣٥٠ منتجًا زراعيًا مختلفًا لأكثر من ١٥٠ دولة. في الأشهر الخمس الأولى من عام ٢٠٢٢، تم تصدير ٣.٥ مليون طن من السلع الزراعية، معظمها من الفاكهة والخضروات.
هذا وتعتبر مصر أكبر مصدّر للموالح في العالم ويمثل البرتقال تقريبًا ٨٠% من إجمالي محاصيل الموالح[.
لطالما كان النمو المستقر والطلب من نقاط القوة الرئيسية للزراعة المصرية. ومع ذلك، يشكل صغار المزارعين الذين يستخدمون الممارسات التقليدية ويعملون ضمن بنية تحتية تحتاج إلى التحديث - خاصةً عندما يتعلق الأمر باستخدام المياه والطاقة – النسبة الأكبر من ملاك الأراضي.
يعاني هذا القطاع أيضًا من نقص التمويل، كما أن المزارعين وأصحاب الأعمال لديهم فرص محدودة للوصول إلى الحلول التمويلية المناسبة. وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي، فإن ارتفاع أسعار المدخلات يؤدي الآن إلى زيادة التحديات التي تواجه القطاع والاقتصاد الكلي للبلاد. جدير بالذكر أنه في مطلع العام ٢٠٢١، عانى القطاع الزراعي من ارتفاع أسعار المدخلات الرئيسية، خاصة الطاقة والأسمدة، مما دفع الحكومة المصرية إلى رفع أسعار الأسمدة المدعومة بنسبة ٥٠%.
الزراعة المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠
تتبنى الحكومة المصرية حملة ضخمة لبناء القطاع الزراعي في البلاد، لجعله أكثر استدامة وكفاءة وربحية بحلول عام ٢٠٣٠. والهدف هو تمكين البلاد من إطعام جميع مواطنيها وحمايتهم من تضخم الأسعار الخارجي مع الحفاظ على قوة الصادرات.
ويهدف مشروع استصلاح ١.٥ مليون فدان إلى زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة ٢٠% بحلول عام ٢٠٣٠ - في المُغرة وغرب المنيا وامتداد غرب المنيا والفرافرة القديمة وتوشكى والطور. كما أنها تعتزم تحديث أنظمة الزراعة مثل الري والآلات والخدمات اللوجستية وتوليد الطاقة.
كما يهدف مشروعان أصغر وأكثر تركيزًا في توشكي والدلتا الجديدة إلى استصلاح ٥٠٠ ألف فدان لكل مشروع (حوالي ٢١٠٠ كيلومتر مربع) لإنتاج القمح والمحاصيل الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك هناك مشاريع أخرى في مرحلة الإعداد.
على صعيدٍ آخر فإن نظام إدارة المياه في جميع أنحاء البلاد بحاجة إلى التحديث وتتزايد هذه الحاجة مع تزايد الطلب على مياه النيل واستمرار إثيوبيا في بناء سد النهضة، علمًا بأن المحاصيل التي تستهلك المياه بكثافة مثل الأرز تواجه صعوبات حاليا، وهو وضع يشير إلى ما سيحدث للمحاصيل الأخرى إذا ظلت المشكلة دون حل.
ولحل هذه المشكلة فإن مصر تستثمر في إنتاج المياه العذبة من مياه البحر على طول ساحلها، حيث نظم صندوق مصر السيادى مناقصات بقيمة ٢.٥ مليار دولار أمريكي لبناء ١٧ محطة تحلية تعمل بالطاقة الشمسية (إضافة إلى ٢٥ محطة موجودة بالفعل)، مما سيساعد على زيادة قدرة تحلية المياه في البلاد أربع أضعاف القدرة الحالية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
تهدف الحكومة أيضًا إلى تعزيز إدارة المياه وتوزيعها من خلال تبطين الترع، لضمان توصيل المياه إلى جميع المناطق الريفية وتقليل التسرب إلى الأرض.
الرقمنة
تستهدف مبادرتان من الحكومة المصرية الاستفادة من التكنولوجيا في الزراعة، حيث تم تصميم نظام البطاقة الذكية الإلكترونية للمزارعين لبناء قاعدة بيانات لأصحاب الأراضي الزراعية في جميع أنحاء مصر، مما يوفر رؤى دقيقة حول القطاع ويسمح بتخطيط أكثر تركيزًا واستهداف أفضل للمزارعين تمويليا. حتى الآن، تم إصدار أكثر من ٣.٥ مليون بطاقة في جميع أنحاء البلاد.
هذا وقد تم تطوير تطبيق محمول ذكي يسمى "HudHud" يستخدم الذكاء الاصطناعي لنشر المعرفة ومساعدة المزارعين على إدارة المشاكل التي تواجههم.
تأثير التمويل
لمعالجة نقص التمويل في القطاع الزراعي في مصر، أطلق البنك المركزي المصري خطة تهدف إلى إحياء البنك الزراعي المصري. كما قدمت إلى عدة قطاعات منها قطاع الزراعة خطة قروض ميسرة (تصل إلى ١٠٠ مليار جنيه مصري) تقدَم لشركات القطاع الخاص بمعدلات فائدة مدعومة.
بالتوازي مع تلك الخطوات، أطلق البنك الزراعي المصري مبادرة للتخفيف من الآثار السلبية لـفيروس كورونا من خلال تسوية أو إعادة جدولة القروض المتعثرة لنحو ٤٥ ألف عميل، وخاصة الأفراد والشركات الصغيرة العاملة في القطاع الزراعي.
استراتيجية بنك الإسكندرية
زاد بنك الإسكندرية من اهتمامه بالقطاع الزراعي، مستغلًا خبراته في تمويل المنتجين الزراعيين المتواجدين في منطقة الدلتا وصعيد مصر.
في عام ٢٠١٨، بدأ بنك الإسكندرية في تقديم حلول التمويل الزراعي لعملائه في قطاع الأعمال الصغيرة الذين يستثمرون في أنشطة الثروة الحيوانية. وفي عام ٢٠١٩، وسّع البنك أنشطته لتشمل التمويلات منتاهية الصغر. وقد أثمرت هذه الجهود عن نمو محفظة الأعمال الصغيرة بنسبة ١٧٣% بين ٢٠١٨ وأبريل ٢٠٢٢.
يتمتع بنك الإسكندرية أيضًا بتحالفات استراتيجية مع شركاء القطاع العام الرئيسيين. بدأ ذلك في عام ٢٠١٨، عندما ساهم البنك بالتعاون مع وزارة الزراعة في تمويل أنشطة الثروة الحيوانية، واستمر في عام ٢٠٢١ بتحالف جديد مع شركة تنمية الريف المصري الجديد، والذي تم إنشاؤه لتمويل المستفيدين من مشروع استصلاح المليون ونصف فدان.
في عام ٢٠٢٠، تحالف البنك أيضًا مع برنامج الأغذية العالمي (WFP)، لدعم صغار المزارعين في تربية الماشية كجزء من مبادرة برنامج الأغذية العالمي لتدمج الأراضي الزراعية. تم تصميم هذا البرنامج لتمكين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من توحيد حيازاتهم من الأراضي لاستخدامها بصورة أفضل وتحقيق عوائد أفضل. وقد تم تمديد هذه الاتفاقية لاحقًا لتوفير حلول التمويل الجماعي لشراء أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية.
يبدأ مستقبلُ الزراعة في مصر اليومَ بدفعةٍ مشتركة من القطاع المالي والحكومة لتحسين مدخلات المياه والطاقة والبنية التحتية والعمليات.
تهدف الخطةُ إلى تحقيق قطاعٍ زراعي مزدهر وقوي ومكتفٍ ذاتيًا على المدى الطويل من شأنه أن يدعم الأجيال القادم